استقبل رئيس الجمهورية جوزاف عون وفداً من “تحالف حرية الرأي والتعبير في لبنان” الذي يضم عشرين مؤسسة وجمعية ومنظمة تعمل على رصد الانتهاكات التي تتعرض لها حرية التعبير في لبنان والتصدي لها.
في مستهل اللقاء، تحدثت باسم الوفد السيدة ديانا مقلد التي عرضت لكيفية تشكيل التحالف ولواقع الحريات في لبنان والصعوبات والتحديات التي تواجه هذا الحق. ولفتت إلى “ارتفاع وتيرة الاستدعاءات والتحقيقات التي تطال الصحافيين والناشطين في لبنان، وما تثيره من قلق ليس فقط لدى الجسم الصحافي والمجتمع المدني، بل لدى كل من يضع الحرّيات العامة في صلب مشروع دولة مستقرة وناهضة”. وأكدت أنه “لا يمكن الحديث عن دولة تستعيد موقعها الحضاري والقيادي، من دون أن تكون الحريات منظَمة ومكفولة بالفعل، لا مجرد شعارات”.
كما أشارت مقلد إلى أن “القلق ينبع عندما يُستدعى الصحافي أو الناشط للتحقيق لأنه يمارس حقّه في التعبير أو التجمع أو الانتقاد، أو حين يتم منع فعالية ثقافية بسبب تهديد مجموعات متشددة، أو حينما يُواجه تجمعٌ مدنيٌّ حلّاً أو تهديداً بالحل عبر آليات إدارية أو أمنية”. وأوضحت أن ذلك “ليس مجرد قضية فردية، بل هو إشارة إلى أن الحريات المُعلَنة في الخطاب لم تتحول بعد إلى ضمانات ملزمة في الممارسة العملية”.
ثم تحدث المستشار القانوني لاتحاد الصحافيين والصحافيات في لبنان، المحامي فاروق المغربي، وشدد على “ضرورة الالتزام بأحكام قانون المطبوعات، ولا سيما عدم جواز استدعاء الصحافيين للتحقيق أمام الضابطة العدلية”. ودعا “رئيس الجمهورية إلى ردّ قانون الإعلام الجديد في حال صدوره بصيغة لا تنسجم مع المعايير الدولية لحماية حرية التعبير وحرية العمل الإعلامي”. كما أعرب عن أمله في أن يبادر لبنان إلى اتخاذ موقف دولي فاعل بشأن حماية الصحافيين خلال الجلسة المقبلة لمجلس حقوق الإنسان.
من جانبه، أكد رئيس المركز اللبناني لحقوق الإنسان، وديع الأسمر، على “خطورة استخدام النيابات العامة والأجهزة الأمنية كوسيلة لقمع حرية التعبير، بدل أن تكون أداة لحماية الصالح العام”. وأوضح أن “إصرار بعض الأجهزة، ولا سيما مكتب مكافحة الجرائم المعلوماتية والمباحث المركزية، على إجبار المدعى عليهم على توقيع تعهدات أو حذف المحتوى قبل صدور قرار قضائي نهائي، يُعد تجاوزاً للقضاء وانتهاكاً لمبادئ المحاكمة العادلة”.
ودعا الأسمر رئيس الجمهورية إلى “توجيه النيابات العامة بعدم اللجوء إلى المادة ٣٨٤ من قانون أصول المحاكمات الجزائية، وذلك بانتظار إقرار قانون الإعلام الجديد الذي ينص على إلغاء هذه المادة”.
كما أكد على أهمية احترام الحريات العامة، وفي مقدمتها حرية التعبير، مشيراً إلى أن “حدود هذه الحرية تكمن في عدم التحريض على العنف أو القتل أو الإيذاء. وأعرب عن أسفه لأن القضاء غالباً ما يلاحق التعبير السلمي، في حين يتغاضى عن التحريض والتهديد وإثارة النعرات”.
ومن ناحيته، أوضح مدير البرنامج الإعلامي في منظمة “سمكس” للحقوق الرقمية، عبد قطايا، أنه “ينبغي على لبنان يجب أن يبقى واحة للحريات وكافل للعمل الصحافي الحرّ”. كما وضع أمام رئيس الجمهورية “ملف الخصوصية وحماية البيانات كأولوية قصوى، باعتباره ركيزة للأمن القومي الرقمي، وضرورة عاجلة لا تحتمل التأجيل”.
وأكّد قطايا على “ضرورة تصويب بوصلة الأجهزة الأمنية، إذا أنّ الأولى بهذه الموارد وطاقات الدولة أن تُسخّر لملاحقة الجرائم الكبرى والتهديدات الحقيقية، مثل اختراق بيانات المواطنين (كتسريب لوحات السيارات)، والقرصنة التي تطال وزارات سيادية كالمالية والعدل، بدلًا من استنزاف هيبة الدولة ومواردها في ملاحقة مواطن بسبب منشور أو رأي على وسائل التواصل”. وختم مشيراً إلى أن “الأمن الرقمي هو حماية لأرواح الناس وأصواتهم وبياناتهم وآرائهم، وليس قمعاً”.
