ألغوا منع التجمعات فورا؛ احموا أفراد مجتمع الميم من الهجمات
قال “تحالف الدفاع عن حرية التعبير في لبنان” (التحالف) اليوم إن السلطات اللبنانية منعت بشكل غير قانوني تجمعات سلمية للمثليين/ات، ومزدوجي/ات التوجه الجنسي، وعابري/ات النوع الاجتماعي (مجتمع الميم). ينتهك الحظر الحقوق الدستورية لمجتمع الميم في المساواة وحرية التعبير والتجمع الحر، والتزامات لبنان بموجب القانون الدولي، ويأتي خلال أزمة اقتصادية وتدهور مناخ حقوق مجتمع الميم في البلاد.
في 24 يونيو/حزيران 2022، وجه وزير الداخلية بسام المولوي رسالة عاجلة إلى مديريتَي “الأمن الداخلي” و “الأمن العام” تتضمن تعليمات بحظر أي تجمعات تهدف إلى “الترويج للشذوذ الجنسي”. تتضمن الرسالة أسبابا غامضة وفضفاضة للغاية، ولا تذكر أي أساس قانوني لتحديد أن هذه التجمعات تنتهك “العادات والتقاليد” و”مبادئ الأديان السماوية”. قال وزير الداخلية إن هذا القرار جاء بعد تلقي الوزارة “اتصالات من المراجع الدينية الرافضة لانتشار هذه الظاهرة”. يُفهم أن الرسالة تشير إلى التجمعات التي نظمتها مجموعات مجتمع الميم، نقلا عن رسالة متداولة في وسائل التواصل الاجتماعي تعرض الأنشطة التي ينظمها نشطاء مجتمع الميم.
قال طارق زيدان، المدير التنفيذي لـ “حلم”: “قرار وزارة الداخلية غير القانوني بحظر الفعاليات التي تدعم حقوق مجتمع الميم يشير بشكل مقلق إلى تدهور حقوق الإنسان والحريات في لبنان. الحظر هو رسالة لمجتمع الميم أن الحكومة مستعدة للتخلي عن حقوقهم الأساسية إذا أراد الآخرون ذلك”.
تبعت رسالة الوزارة موجةٌ من خطاب الكراهية ضد مجتمع الميم في وسائل التواصل الاجتماعي من قبل أفراد وبعض الجماعات الدينية، بما فيه التحريض على العنف، والتهديد بالقتل، ودعوات لحظر الفعاليات المقررة بالقوة. كما أدلى عدد من أعضاء البرلمان بتصريحات نددوا فيها بـ “الترويج للمثلية الجنسية”. قال النشطاء الذين خططوا وأعلنوا عن مسيرة سلمية في 26 يونيو/حزيران ضد الحظر إنهم أجّلوا الاحتجاج إلى أجل غير مسمى بسبب التهديد باحتجاجات مضادة عنيفة ومخاوف من أن القوى الأمنية لن تحميهم.
في نفس اليوم الذي بعثت فيه الوزارة رسالتها، استجوبت عناصر من الأمن العام والأمن الداخلي وفرع المعلومات في الأمن الداخلي نشطاء يدعمون مجتمع الميم والقضايا النسوية في مركز ثقافي حول ورشة عمل خاصة تضم سبعة أشخاص ، وأمروهم بإلغاء الورشة أو التقدم بطلب الحصول على تصريح لها. قال نشطاء إنهم تلقوا منذ ذلك الحين مكالمات متكررة من “فرع المعلومات” في الأمن الداخلي تدعوهم إلى “فنجان قهوة”، وهي استدعاءات رفضها النشطاء وتشير إلى أن الفرع كان يراقب حسابات النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي.
قال النشطاء إن القوة الامنية حاولت تبرير تدخلها بالادعاء أن المنظمين “لم يحصلوا على موافقة مسبقة من السلطات”، مستندة إلى قانون الاجتماعات العمومية العثماني لعام 1911. إلا أن هذا القانون يسري فقط على الاجتماعات العامّة . يخالف تبرير القوى الأمنية التوجيهات الدولية بشأن حرية التجمع بموجب القانون الدولي لحقوق الانسان ، والذي لا يتطلب الإخطار المسبق حيث يمكن توقع أن يكون تأثير التجمع ضئيلا، وهو ما سيكون عليه الحال بالنسبة لورشة عمل صغيرة تعقد في مكان خاص.
يأتي قرار وزارة الداخلية في حين يُحرَم أكثر من 80% من سكان البلاد من الحقوق الأساسية، بما فيها الصحة والتعليم والمستوى المعيشي اللائق، وفقا لـ “الأمم المتحدة”.
منذ عام 2017، تتدخل القوى الأمنية اللبنانية باستمرار في أنشطة حقوقية متعلقة بالجندر والجنسانية. في 29 سبتمبر/أيلول 2018، داهمت مديرية الأمن العام مؤتمر سنوي حول حقوق مجتمع الميم وحاولت منع إنعقاده بشكل غير قانوني، كما أصدرت حظر دخول للمشاركين غير اللبنانيين. في عام 2021، ألغى “مجلس شورى الدولة” (أعلى محكمة إدارية) حظر الدخول وأكّد أن المشاركة في مؤتمر متعلق بحقوق مجتمع الميم يندرج في إطار حرية التعبير التي تضمنها المادة 13 من الدستور اللبناني.
تتعارض مثل هذه العرقلات مع الاجتهاد القانوني اللبناني بشأن العلاقات المثلية وكذلك القانون الدولي لحقوق الإنسان. في يوليو/تموز 2018، أصدرت محكمة استئناف لبنانية حكما رائدا يقضي بأن السلوك الجنسي المثلي ليس غير قانوني، وأسقطت التهم الموجهة ضد أشخاص بموجب المادة 534 من قانون العقوبات، التي تجرم “كل مجامعة على خلاف الطبيعة”. أدان القضاة التدخل التمييزي للقانون في الحياة الخاصة للناس وأعلنوا أن المثلية الجنسية ليست مخالفة للطبيعة. جاء الحكم بعد أربعة أحكام صادرة عن محاكم ابتدائية منذ عام 2009 رفضت إدانة المثليين والعابرات/ين جندريا بموجب المادة 534.
عام 2021، خلال الاستعراض الدوري الشامل في “مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة”، وافق لينان على التوصيات لضمان الحق في التجمع السلمي والتعبير لأفراد مجتمع الميم. يكفل الدستور اللبناني حرية التعبير “ضمن دائرة القانون”. ينص “العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية”، الذي صادق عليه لبنان عام 1972، على أن لكل فرد الحق في حرية التعبير وحرية التجمع وتكوين الجمعيات. “لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة”، التي تفسر العهد، أعلنت بوضوح أنه يحظر التمييز على أساس التوجه الجنسي والهوية الجندرية في تطبيق أي من الحقوق التي تحميها المعاهدة، بما فيها حرية التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات.
قالت منسقة التحالف نجاح عيتاني: “على وزير الداخلية إلغاء هذا القرار التمييزي وغير القانوني فورا، وإصدار تعليمات للأجهزة الأمنية لحماية أفراد مجتمع الميم بحزم من العنف وسوء المعاملة. بدلا من لوم مجتمع الميم والتضحية بحقوقه، على السلطات اللبنانية أن توجه اهتمامها إلى إصلاحات للتخفيف من تأثير الأزمة الاقتصادية”.